• Home
    • Pastoral Letter 2020 (Arabic)
  • Vicariate
    • History
    • Vicariate Offices
    • Office of Care
    • Christian Formation
    • Family Ministry
    • Interfaith & Ecumenical Dialogue
    • Office of Communications
      • Branding
    • Liturgical Calendar
    • Directory
    • Statistics
    • CELRA
  • Apostolic Vicar
    • Apostolic Vicar
      • Bishop Paolo Martinelli
        • Coat of Arms & Episcopal Motto
      • Homilies/Messages - Bp Paolo
      • Pastoral Letters - Bp Paolo
    • Former Apostolic Vicars
      • Timeline
      • Bishop Paul Hinder
        • Homilies - Bp Paul
        • Pastoral Letters - Bp Paul
  • Parishes & Schools
    • UAE
      • Parishes
      • Schools
    • Oman
      • Parishes
    • Yemen
      • Parishes
    • Church Finder
  • News & Media
    • News
    • Photo Albums
    • Jubilee 2025
    • Extraordinary Jubilee of St. Arethas and Companions
      • History of St. Arethas and Companions
      • Holy Door & Indulgence
      • Make a pilgrimage
    • Pope Francis in UAE
    • Human Fraternity
  • Contact
|||
Apostolic Vicariate of Southern Arabia
Facebook X (Twitter) YouTube Instagram Custom Social Media
Search
  • Home
  • Vicariate
      • History
      • Vicariate Offices
      • Office of Care
      • Christian Formation
      • Family Ministry
      • Interfaith & Ecumenical Dialogue
      • Office of Communications
      • Liturgical Calendar
      • Directory
      • Statistics
      • CELRA
  • Apostolic Vicar
    • Apostolic Vicar
      • Bishop Paolo Martinelli
      • Homilies/Messages - Bp Paolo
      • Pastoral Letters - Bp Paolo
    • Former Apostolic Vicars
      • Timeline
      • Bishop Paul Hinder
  • Parishes & Schools
    • UAE
      • Parishes
      • Schools
    • Oman
      • Parishes
    • Yemen
      • Parishes
      • Church Finder
  • News & Media
      • News
      • Photo Albums
      • Jubilee 2025
      • Extraordinary Jubilee of St. Arethas and Companions
      • Pope Francis in UAE
      • Human Fraternity
  • Contact
    • Home
      • Pastoral Letter 2020 (Arabic)

  • "ﰲ العالم وليس مِن العالم"
     
    اﻟﺮِّﺳﺎﻟَﺔُ اﻟﱠﺮﻋَﻮِﻳّﺔ 2020


    بتاريخ 6 آب/أغسطس، يوم عيد تجلّي الرب، أصدَرَ المطران بول هندر رسالتِه الرعوية بعنوان "مِن العالم وليس مِن العالم" وهي موجهة إلى جَمِيعِ المؤْمِنِين في النِّيابَةِ الرَّسُولِيَّةِ لِشِبْهِ الجزِيرَةِ العَرَبِيّةِ الشَّمالِيّة والجنُوبِيّة. تُركز الرسالة على التعامل مع الوضع الحالي مع جائحة كورونا.

    يتأمَل المطران بمقطعٍ من إنجيل يوحنا عندما يُصلي يسوع المسيح مساءَ العشاءِ الأخير من أجلِ تلاميذه. لا يطلب يسوع من الآب أن يخرجهم من العالم، بل "أن يحفظهم من الشرير"
    (يوحنا 17: 15).


    بالرغم من أننا نعيش في هذا العالم، يذكرنا سيادة المطران بأننا أبناء الملكوت، نعيشُ في الواقع الحي، نحن أناس مختلفون، "مكرسون بالحق". تشجعنا الرسالة على أن نتحول دون أن نتوافق مع العالم.

    يدعونا المطران لنكونَ شهودَ رجاء وسط الصعاب المتعددة وأن نستمد قوتَنا من المسيحِ القائم من الموت.

     



    تجدون أدناه نص الرسالة الرعوية 2020 من المطران بول هندر موجهة إلى جميع المؤمنين في النيابة الرسولية لشبه الجزيرة العربية الشمالية والجنوبية-- 



    "لا أَسْأَلُكَ أَنْ تُخْرِجَهُم مِنَ العالم، بَل أَن تَحْفَظَهُم مِنَ الشِّرّير"
    (يوحنا 17: 15)



    إِخْوَتي وأَخَواتي في المسِيح، الأَعِزّاء،

    السَّلامُ مَعَكُم!


    ١.        نَمُرُّ جميعًا بِوَقْتٍ عَصِيبٍ مُنْذُ أَن تَسَبَّبَت جائِحَةُ كُورونا في إِرْباكِ حَياتِنا بِشَتَّى الطُّرُق. أَوَدُّ أَن أُشارِكَكُم بَعْضَ التّأَمُّلاتِ، انْطِلاقًا مِن كَلِمَةٍ في إِنجيلِ يُوحَنّا. نَجِدُها في صَلاةِ يَسُوعَ الطّويلة، مَساءَ العَشاءِ الأَخِير. بَعْدَ غَسْلِ أَقْدامَ تَلاميذِهِ، وقَبْلَ الدُّخُولِ في مَرْحَلَةِ الآلام، يُخاطِبُ يَسُوع الآبَ ويُصَلِّي مِن أَجْلِ تَلاميذِه: "لا أَسْأَلُكَ أَن تُخْرِجَهُم مِنَ العالم، بَل أَن تَحفَظَهُم مِنَ الشِّرِّير" (يو 17: 15).



    وُضعت وَسطَ العالمِ الحقيقيّ

    ٢.        لم يَتَوَقَّع يَسُوعُ أَنَّ تَلاميذَهُ سَيَعِيشُونَ في عالمٍ مِثاليّ، بَل في العالمِ المتَأَثِّرِ بِالخطيئة. كَمَسِيحِيّينَ، عَلَينا أَن نَعِيشَ في العالمِ كَما هُوَ ولَيسَ كَما قَدْ نَتَمَنّى أَن يَكُون. لَقَدِ اخْتَبَرْنا هَذِهِ الحقيقةَ بِشَكْلٍ كَبيرٍ في الوَقْتِ الحاليّ مَع جائِحَةِ كُورونا. أَن نُؤْمِنَ بِيَسُوعَ المسِيحِ، وأَن نَكُونَ أَعْضاءً في كَنِيسَتِهِ، لا يَضَعُنا تلقائِيًّا في الجنّة. نَحْنُ لا نُحْفَظُ مِن جائِحَةِ كُورونا ولا مِنَ المصائِبِ الأُخْرَى فَقَط لِأَنَّنا نُؤْمِنُ بِالمسِيح. مِثْل أَيِّ شَخْصٍ آخَر، نَحْنُ مُعَرَّضُونَ لِلمَخاطِرِ الموجُودَةِ في عالمِ مُلَوَّثٍ. لا يُمكِنُنا الادِّعاءَ بِأَنَّنا نَتَوَقَّعُ مُعامَلَةً خاصَّةً مِنَ اللهِ في هذا الصَّدَدِ فَقَط، لِأَنّنا نُؤْمِنُ بِابْنِهِ يَسُوعَ المسِيح. في صَلاتِهِ قَبْلَ الآلام، لم يَطْلُبْ يَسُوع مِنَ الآبِ أَنْ يُخْرِجَ تَلاميذَهُ مِنَ العالم. سَأَلَ الآبَ فَقَط "حِمايَتهم مِنَ الشَّرّ". "الشَّرُّ" لا يَعْني المرَض، والحوادِث، والمجاعة، والحرُوب وما يَصْحَبُها مِن مِحَنٍ، بَل يُشِيرُ إلى الشَّرِّ الّذِي يَسْتَطُيعُ أَن يَقْبضَ علينا، ويَجعَلَ أَرواحَنا مَريضَةً حَتّى الموت، ويَقْطَعَنا عَنِ الصّداقةِ مَعَ الله.



    ٣.       نَأْمَلُ جَميعًا بِالطَّبْعِ ونُصَلِّي مِن أَجْلِ الخُرُوجِ مِن هذا الوَباءِ سالِمِين. ولَكِن لا تُوجَدُ ضَمانة - لا لِلمُؤْمِنِ ولا لِغَيرِ المؤْمِن. بهذا الصَّدَد، نَتَشارَكُ جَميعًا في نَفْسِ الحالةِ الأَوَّلِيّة، ويَجِبُ أَن نَقُومَ بِما هُوَ مَطْلُوبٌ لِحمايَةِ أَنْفُسِنا والآخَرِينَ بِأَكْثَرِ الطُّرُقِ فَعالِيّة. نَحْنُ مُمْتَنُونَ لِجَمِيعِ أُولَئِكَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ لَيلًا ونَهاًرا لِتَقْلِيلِ المخاطِرِ القاتِلَةِ، والَّذِينَ يَبْحَثُونَ، بِشَكْلٍ مُكَثَّفٍ، عَنِ اللّقاحِ الَّذِي نَأْمَلُ أَن يُعِيدَ الشُّعُورَ بِبَعْضِ الاطْمِئنان. ومَعَ ذلِكَ، فَإِنَّ الوَباءَ الحاليَّ يُذَكِّرُنا، بِطَريقةٍ مُلْفِتَةٍ لِلنَّظَرِ، بِأَنَّ المسِيحِيّينَ يَتَشارَكُونَ مَعَ جَميعِ البَشَرِ الآخَرِين "البَيتَ المشْتَرَك" الَّذِي وَهَبَنا إِيّاهُ الله الخالِق. لا يُمَيِّزُ الوَباءُ بَينَ المؤْمِنِينَ وغَيرِ المؤْمِنِين.
     

    ٤.        لَكِن يَبْقَى السُّؤال: كَيفَ عَلَينا، نَحْنُ كَمَسِيحِيّينَ، أَنْ نَتَعامَلَ مَعَ هذا الوَضع؟ ما هِيَ الإجاباتُ على الأَسْئِلَةِ الّتي تُرْبِكُ عُقُولَنا، وقَد تُسَبِّبُ الكَثِيرَ مِنَ الشَّكِّ في قُلُوبِنا؟ إذا نَظَرْنا إلى الوَراءِ في التّاريخ، نَرَى أَنَّهُ، مُنْذُ البِداية، كانَ على المسِيحِيّينَ أَن يَتَعَلَّمُوا، مِن خِلالِ التّجارِبِ المؤْلِمَةِ، ما يَعْنِيهِ أَنْ يَكُونُوا في العالمِ ولَيسَ مِنَ العالم. غالِبًا ما تَعَرَّضَ أَتْباعُ يَسُوعَ المسِيحِ لِبِيئةٍ كانت بَعِيدَةً كُلَّ البُعْدِ عَنِ التّرحِيبِ بِإِيمانِهِمِ الجديد. ومَعَ ذلِكَ، لم يَنْسَحِبِ المؤُمِنُونَ مِنَ المجتَمَعِ الّذِي عاشُوا فِيه، ولم يَرْضَخُوا لِشَفَقَةٍ ذاتِيّةٍ جَماعِيّة. لَكِن على العَكس، نَجِدُ أَنَّهُ، مُنْذُ العُصُورِ الأُولى، التَزَمَ المسِيحِيُّونَ بِالحياةِ العامّةِ والاجتِماعِيّة، وغالِبًا ما خاطَرُوا بحياتِهم. في مَظْهَرِهِمِ الخارِجِيّ، لم يَنْفَصِلُوا عَنِ المجتَمَعاتِ الّتي يَنْتَمُونَ إِلَيها؛ لَكِنَّ الطّرِيقَةَ الّتي عاشُوا بها، وَسطَ مُجتَمَعٍ وَثَنِيّ (وفي كَثِيرٍ مِنَ النّواحِي، غَير أَخْلاقِيّ) كانت مُختَلِفة.



    مَدْعُوّ لِتَكُونَ "الرّوح" لِلعالم

    ٥.       لِلدُّخُولِ في عُمْقِ النّقْطَةِ المذكُورَةِ أَعْلاه، أَوَدُّ أَن أَقْتَبِسَ مَقْطَعًا أَطْوَلَ، مِن نَصٍّ قَدِيمٍ، تَمَّتْ كِتابَتُهُ بَعْدَ حَوالي 130-160 عامًا بَعْدَ مَوتِ يَسُوعَ المسِيح. يُصَوِّرُ النَّصّ، الّذِي يَتَّخِذُ شَكْلَ رِسالَةٍ مُوَجَّهَةٍ إلى رَجُلٍ يُدْعَى ديوجينيتوس، صُورة تُمَكِّنُنا مِنَ التّكَيُّفِ بِسُهُولَةٍ مَعَ وَضْعِنا الحاليّ. يَتَحَدَّثُ النَّصُّ عَن حَياةِ المسِيحِيّينَ وَسطَالعالمِ في ذلِكَ الوَقت يَكتُبُ المؤَلِّفُ التّالي:

     

    "إِنَّ المسِيحِيِّينَ لا يَخْتَلِفُونَ عَن سِواهُم مِن أَبْناءِ البَشَرِ في الوَطَنِ أَوِ اللّغَةِ والعادات. والواقِعُ هُوَ أَنَّهُم لا يَقْطنُونَ مُدُنًا خاصَّةً بِهِم وَحْدَهُم، ولا يِتَكَلَّمُونَ لُغَةً خاصَّةً بِهِم، ولا يَعِيشُونَ عِيشَةً غَرِيبَةً شاذّة. وأَنَّ عَقِيدَتهم لَيسَت مِن مُكْتَشَفاتِ أَشْخاصٍ فُضُولِيّينَ خَيالِيّينَ مُتَكَبِّرِين. ولا يُؤَيِّدُونَ كَغِيرِهِم عَقِيدَةً مِن صُنْعِ البَشَر. ومَعَ أَنَّهُم يَسْكُنُونَ في مُدُنٍ يُونانِيّةٍ وغَيرِ يُونانِيّة، حَسْبَما أُوتِيَ لِكُلٍّ مِنْهُم، ويَسْلُكُونَ بِموجَبِ عاداتِ البَلَدِ الّذي يَحلُّونَ فِيهِ، مِن جِهَةِ الزَّيِّ والطّعامِ وأَسالِيبِ المعِيشَةِ الأُخْرَى، فَإِنَّ أُسْلُوبَ مَعِيشَتِهِم يَسْتَوجِبُ الإِعجابَ والإْقرارَ بِأَنَّهُ غَيرُ مُتَوَقَّع. تَراهُم يَسْكُنُونَ البُلْدانَ ولَكِنَّهُم غُرَباء. هُم يَشْتَرِكُونَ في كُلِّ شَيءٍ، كَمُواطِنِينَ، ولَكِنَّهُم يَحْتَمِلُونَ كُلَّ ما يَحْتَمِلُهُ الغُرَباء. كُلُّ بَلَدٍ أَجْنَبِيٍّ، وَطَنٌ لهم. وكُلُّ وَطَنٍ لهم، بَلَدٌ غَرِيب.
    يَتَزاوَجُونَ كَغَيرِهِم، ويَتَوالَدُون. لَكِنَّهُم لا يُهْمِلُونَ أَوْلادَهُم ولا يُعَرِّضُونَهُم لِلمَوت. يَفْرشُونَ طَعامَهُم لِلجَمِيعِ، لَكِنَّهُم لا يَفْرشُونَ فِراشَهُم. هُم مَوجُودُونَ في الجسَدِ، ولَكِنَّهُم لا يَعِيشُونَ لِلجَسَد. يَقْضُونَ أَيّامَهُم على الأَرْضِ، ولَكِنَّهُم مُرْتَبِطُونَ بِوَطَنٍ سَماوِيّ. يُطِيعُونَ القَوانِينَ المرْعِيَّة، ولَكِنَّهُم يَتَقَيَّدُونَ بِأَكْثَر مِنْها في حَياتِهِمِ الخاصَّة. يُحِبُّونَ جَمِيعَ النّاسِ، ولَكِنَّ الجِمِيعَ يَضْطَّهِدُونَهُم. تَراهُم مَجْهُولِينَ، ولَكِنَّهُم مُدانُونَ. يُماتُونَ، ولَكِنَّهُم يُعادُونَ إلى الحياة. فُقَراء، ولَكِنَّهُم يُغْنُونَ كَثِيرِين. يَحتاجَونَ لِكُلِّ شَيءٍ، ولَكِنَّهُم يَنْعَمُونَ بِكُلِّ شَيء. يُفْتَرَى عَلَيهِم، ولَكِنَّهُم يُبَرِّرُون. يُشْتَمُونَ، ولَكِنَّهُم يُبارِكُون. يُهانُونَ، ولَكِنَّهُم يُكَرِّمُونَ الآخَرِين. يَعْمَلُونَ الخيرَ، فَيُجازُونَ كَأْشْرار؛ حَيْنَما يُعاقَبُونَ (بالموت) يَفْرَحُونَ كَأَنَّهُم يُقامُونَ إلى الحياة. يُحارِبُهُم اليَهُودُ كَأَنَّهُم أَجانِب، ويَضْطَّهِدُهُم اليُونانِيّون. ومَعَ ذلِكَ، فَالّذِينَ يَكْرَهُونَهُم يَعْجِزُونَ عَن ذِكْرِ كَراهِيّتِهم لهم..." (مِنَ الرّسالَةِ إلى ديوجينيتوس).

     

    ٦.       تُظْهِرُ لَنا هَذِهِ الشّهادَةُ مِنَ العُصُورِ القَديمة، أَنَّ المسِيحِيِّينَ لم يَنْفَصِلُوا، بِطَرِيقَةٍ طائِفِيَّةٍ، عَنِ العالمِ والمجتَمَعِ الّذِي عاشُوا فِيه. وبَدَلًا مِن ذلِكَ، فَإِنَّهُم تَمَيَّزُوا بِأُسْلُوبِ حَياتِهِم. في ظلِّ حَضارَةٍ، حَيْثُ يَعْبُدُ النّاسُ السُّلْطَةَ ويُعامِلُونَ الإمبراطُورَ كَإِلَه، أَكَّدَ المسِيحِيُّونَ أَنَّ حَياتَهُم وعِبادَتهم تَعُودُ فَقَط إلى الإِلَهِ الحقِيقِيّ، وبِشَكْلٍ غَيرِ قابِلٍ لِلتّفاوُضِ، حَتّى لَو قُتِلُوا بِسَبَبِ هذا الاعتِقاد. في مُجْتَمَعٍ، حَيثُ كانَ الإجهاضُ وقَتْلُ الأَطْفالِ بَعْدَ وِلادَتِهِم مُمارَسَةً شائِعَة، تَمَسَّكُوا بِثِمارِ الرَّحِم. في ثَقافَةٍ كانَ الاختِلاطُ الجِنْسِيُّ فِيها مُمارَسَةً شائِعة، أَصَرُّوا في الكَلامِ وعبر الممارَسَة على حَصْرِيّةِ الرّوابِطِ الزَّوْجِيّة. في عَصْرٍ كانَ فِيهِ التّمْيِيزُ ضدَّ النّاسِ جِزْءًا مِنَ النِّظام، اعتَبَرَ المسِيحِيُّونَ أَنْفُسَهُم إِخْوَةً وأَخَواتٍ بِشَكْلٍ مُسْتَقِلٍّ عَن وَضْعِهِمِ الاجتِماعِيِّ والاقتِصادِيّ، أَوِ انتِمائِهِمِ اللُّغَوِيّ أَوِ الثّقافيّ. رُبَّما لم يَتَوافَق الواقِعُ دائِمًا مَعَ المِثالِيّة. رغْمَ ذلِك، فَإِنَّ بُذُورَ نَمَطِ حَياةٍ مُخْتَلِفٍ تَمامًا - مُتَجَذِّرَة في مِثالِ وكَلِمَةِ يَسُوعَ المسِيح - انتَشَرَت وأَنْتَجَت ثِمارًا. في خِضَمِّ صِراعاتِهِم، كانَ المسِيحِيُّونَ فَخُورِينَ بِهَوِيَّتِهِم. كانوا مُقْتَنِعِينَ أَنّهُ، على الرّغْمِ مِن صِغَرِ عَدَدِهِم، يُمْكِنُهُم تَغْيير العالم. دَعُونا
    نَسْتَمِعُ مَرَّةً أُخْرَى إلى نَفْسِ الرّسالَةِ إلى ديوجين
    يتوس:


    "وبِالاختِصار، فَإِنَّ المسِيحِيّينَ لِلعالمِ كَالرُّوحِ لِلجَسَد. الرُّوحُ تَمْتَدُّ إلى جَمِيعِ أَعْضاءِ الجسَد، والمسِيحِيُّونَ يَنْتَشِرُونَ في جَمِيعِ مُدُنِ العالم. وكَما أَنَّ الرُّوحَ تَسْكُنُ في الجسَدِ، وهِيَ لَيسَتْ مِنْهُ، فَهَكَذا المسِيحِيُّونَ، فَإِنَّهُم يَسْكُنُونَ في العالمِ ولَكِنَّهُم لَيسُوا مِنَ العالم. وكَما أَنَّ الرُّوحَ غَير المنظُورة تُحْبَسُ في الجسَدِ المنْظُور، هَكَذا المسِيحِيُّونَ، فَإِنَّهُم يُعْرَفُونَ مَسِيحِيِّينَ في العالم، ولَكِن تَقْواهُم تَظَلُّ غَير مَنْظُورة. ومَعَ أَنَّ النَّفْسَ لا تُسِيءُ إلى الجِسْمِ، فَإِنَّ الجِسْمَ يَكْرَهُها ويُحارِبُها لِأَنّها تُعِيقُهُ عَنِ الانغِماسِ في الملَذّات.

    والمسِيحِيُّونَ كَذلِكَ لا يُسِيئُونَ إلى العالم، ولَكِنَّ العالم يَكْرَهُهُم لِأَنَّهُم يُقاوِمُونَ مَلَذّاتِه. والنَّفْسُ تَحِبُّ الجَسَدَ الّذِي يَكْرَهُها، كَما أَنَّ المسِيحِيِّينَ يُحِبُّونَ الّذِينَ يَكْرَهُونَهُم. وكَما أَنَّ النَّفْسَ تُحْبَسُ في الجَسَدِ، ولَكِنَّها تَحْفَظُهُ، فَإِنَّ المسِيحِيِّينَ أَيضًا يُحْبَسُونَ في العالمِ، ولَكِنَّهُم هُمُ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ العالم. وكَما أَنَّ النَّفْسَ الخالِدَةَ تَسْكُنُ في خَيْمَةٍ فانِية، فَإِنَّ المسِيحِيِّينَ أَيضًا يَعِيشُونَ غُرَباءَ بَينَ الأَشْياءِ الفانِية، مُنْتَظِرِينَ الخُلُودَ في السَّماء. وكَما أَنَّ النَّفْسَ تَكُونُ بِحالَةٍ أَفْضَل بِتَقْنِينِ المأْكَلِ والمشْرَب، فَإِنَّ المسِيحِيِّينَ يَتَزايَدُونَ رغْمَ أَنَّهُم يُعاقَبُون. هذا هُوَ الوَضْعُ الَّذِي أَوكَلَهُمُ اللهُ بِهِ، ولا يَجُوزُ لهم أَنْ يَتَخَلَّوا عَنْهُ" (مِنَ الرِّسالَةِ إلى ديوجينيتوس).




    مُقاوَمة إغراء التّوافُق مع العالم
    ٧.        أَتَساءَلُ أَحْيانًا إذا لم نَعُدْ فَخُورِينَ بِهَوِيَّتِنا كَكاثُوليك، على عَكْسِ هَؤُلاءِ المسِيحِيِّينَ الأَوائِل. ولَعَلَّ هذا بِسَبَبِ الفَضائِحِ الّتي لا تَحْمُلُ الجَدَلَ، والّتي حَدَثَت (وما زالَت تَحْدُثُ لِلأَسَف) بَينَنا وداخِلَ الكَنيسة. عاجِزِينَ، بِسَبَبِ مِثل هذه الصَّدمات، لم نَعُدْ قادِرِينَ على العَيشِ بِالهُدُوءِ والأَمَلِ، اللَّذَينِ عَبَّرَ عَنْهُما القِدِّيسُ بُولُسُ في رِسالَتِهِ إلى أَهْلِ فِيلبي: "لا أَحْسَبُ نَفْسِي قَدْ قَبَضْتُ عليه، وإِنّما يَهُمُّنِي أَمْرٌ واحِدٌ وهُوَ أَنْ أَنْسَى ما وَرائِي وأَتَمَطَّى إلى الأَمامِ فَأَسْعَى إلى الغايَة، لِلحُصُولِ على الجائِزَةِ الّتي يَدْعُونا اللهُ إِلَيها مِن عَلُ لِنَنالَها في المسِيحِ يَسُوع. فَعَلَينا جَمِيعًا، نَحْنُ الكامِلِينَ، أَنْ نَشْعُرَ هذا الشُّعُور" (فل 3: 13-15). بَيْنَما يَجِبُ أَن نُعالِجَ أَخْطاءَ الماضِي، نَحْنُ مَدْعُوُّونَ لِنَعِيشَ البُشْرَى السّارَّةَ لِرَبِّنا يَسُوعَ المسِيحِ بِشَجاعَةٍ في الزَّمَنِ الحاضِر. في مُواجَهَتِنا لِتَحَدِّياتِ عالمِ اليَوم، عَلَينا تَجَنُّبَ المساراتِ الّتي تَقُودُنا إلى الضَّلال. أَحَدُ هَذِهِ الأَخطاء هُوَ الانسِحابُ مِنَ المجتَمَعِ مِن حَوْلِنا والتَّقَوقُعُ في مُحِيطِ دِيانَتِنا، على مِثالِ بَعْضِ المجموعاتِ الّتي تَمِيلُ إلى العَيشِ بِشَكْلٍ مُنْفَصِلٍ عَنِ المجتَمَعِ، ويُنَصِّبُونَ أَنْفُسَهُم مُراقِبِينَ ناقِدِينَ، أَو حَتّى قُضاة على العالم. الخَطَأُ الآخَرُ هُوَ الانصِهارُ في العالمِ المحيط، والتَّصَرُّفُ مِثْلَ الآخَرِين، بِغَضِّ النَّظَرِ عَمّا إِذا كانَ هذا السُّلُوكُ جَيِّدًا أَو سَيِّئًا. سَنْفْقدُ هَوِيَّتَنا المسِيحِيّة. يَسُوعُ يُحَذِّرُنا: "إذا فَسَدَ المِلْحُ، فَأَيُّ شَيءٍ يُمَلِّحُهُ؟ إِنَّهُ لا يَصْلُحُ بَعْدَ ذلِكَ إِلّا لِأَنْ يُطْرَحَ في خارِجِ الدّارِ فَيَدُوسَهُ النّاس" (متى 5: 13). لَيسَ أَيّ مِنَ المسارَينِ مَسِيحِيًّا حَقًّا. أَرادَ يَسُوعُ أَن نَكُونَ "نُور العالم" (متى 5: 14) و"مِلح الأَرض" (متى 5: 13). وأَرادَنا أَنْ نَكُونَ هَذِهِ الأَشْياءَ في العالم. لِهَذا صَلَّى يَسُوعُ مِن أَجْلِنا قَبْلَ صَلْبِهِ: "لا أَسْأَلُكَ أَنْ تُخْرِجَهُم مِنَ العالم بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُم مِنَ الشِّرِّير. لَيْسُوا مِنَ العالم، كَما أَنّي لَسْتُ مِنَ العالم. كَرِّسْهُم بِالحَقّ، إِنَّ كَلِمَتَكَ حَقّ" (يو 17: 15-17). لِذلِكَ، بَيْنَما نَعِيشُ مِثْلَ أَيِّ شَخْصٍ آخَر في هذا العالم، فَإِنّنا نَفْعَلُ ذلِكَ مَعَ اختِلافٍ واضِحٍ: نَحْنُ نَعِيشُ كَأُناسٍ "مُقَدَّسِينَ في الحقيقة". إِنَّ تَقْدِيسَ الحقِّ يَعْني أَن يُقَدِّسَ مَن قال: "أنا الحَقّ" (يو 14: 6).



    ٨.       يُواجِهُ القِدِّيسُ بُولُس المسِيحِيِّينَ بِهَذِهِ المهمّة عِنْدَما يَكْتُبُ إلى أَهْلِ روما: "لا تَتَوافَقْ مَعَ هذا العالم ولَكِن تَحَوَّلْ بِتَجْدِيدِ عَقْلِكَ، حَتّى تَتَمَكَّنَ مِن تَمْيِيزِ ما هِيَ إِرادَةُ الله - ما هُوَ الخيرُ والمقْبُولُ والكامِل" (روم 12: 2). نَحْنُ نَعْلَمُ، مِن تَجْرِبَتِنا الخاصّة، كَم أَنَّهُ مِنَ الأَسْهَلِ التّوافُق مع هذا العالم بَدَلًا مِنَ التَّحَوُّلِ مِن خِلالِ تَجْدِيدِ عُقُولِنا. نَحْنُ نَعِيشُ في عالمٍ حَيثُ الدّوّامَةُ القَوِيّةُ لِلنّسبِيّةِ الأَخْلاقِيّةِ والعَقائِدِيّة يُمْكِنُ أَن تَجْذبَنا، بِسُهُولَةٍ، بَعِيدًا عَنِ اتّباعِ طَرِيقِ وَصايا الله. يَتَحَدَّثُ البابا فرنسيس، في كَثِيرٍ مِنَ الأَحيان، عن هذا الخَطَر. أُشِيرُ، كَمِثالٍ، إلى عِظَتِهِ الصّباحِيّةِ في سانتا مارتا، في 13 فبراير 2020، عِنْدَما تَحَدَّثَ عَنِ الملِكِ سُلَيمان، الّذِي لم يُحْفَظْ بِحِكْمَتِهِ العَظِيمَةِ مِنَ الضّلال. بَدَأَ الملِكُ العَظِيمُ كَـ "فَتًى صالِحٍ"، سَأَلَ الرَّبَّ الحِكْمَةَ، وتَسَلَّمَها. لَكِنَّ قَلْبَ سُلَيمان ضَعُفَ لِأَنَّهُ سَمَحَ لِزَوجاتِهِ، اللَّواتي خَدَمْنَ آلِهَةً أُخْرَى، بِإِقْناعِهِ بِعِبادَةِ أَصنامِهِنّ. وأَشارَ البابا فرنسيس إلى أَنّ "ارتِدادَهُ لم يَكُنْ بَينَ لَيلَةٍ وضُحاها". فَقَدِ انْزَلَقَ بِبُطْىءٍ إلى الخطيئة. وَبَّخَ الرَّبُّ سُلَيمانَ لِأَنَّهُ ضَلَّ: "حَوَّلْتَ قَلْبَكَ". يَحْدُثُ هذا أَيضًا في حَياتِنا. مُعْظَمُنا لا يَرْتَكِبُ خَطايا جَسِيمة، ولَكِنَّ الخَطَرَ يَكْمُنُ في "تَرْكِ أَنْفُسِنا نَنْزَلِقُ بِبُطْءٍ لِأَنّها سُقُوطٌ مُخَدِّر". دُونَ أَنْ نُدْرِكَ ذلِكَ، تُصْبِحُ الأُمُورُ نِسْبِيّةً ونَفْقدُ إِخْلاصَنا لله. "كَم مَرّة نَنْسَى الرَّبَّ ونَبْدَأُ في التّعامُلِ مَعَ الآلِهَةِ الأُخْرَى" مِثْلَ المالِ والغُرُورِ والكِبرِياء! "بِالنِّسبَةِ لَنا"، أَوْضَحَ البابا فرنسيس، "هذا الانزِلاقُ في الحياةِ مُوَجَّهٌ نَحْوَ الدّنيويّة"، مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لا بَأْسَ بِهِ، لِأَنّ "الجَمِيعَ يَفْعُلُ ذلِكَ". كَما نُبَرِّرُ لِأَنْفُسِنا بِهَذِهِ الطّرِيقة، نَفقدُ إِخْلاصَنا للهِ ونَحْتَضِنُ الأَصْنامَ الحدِيثة. (لوسيرفاتوري رومانو، الطبعة الأُسبوعية باللّغة الإنجليزية، العدد 12، 20 مارس 2020).




    ٩.        ما حَدَثَ لِسُلَيمانَ يُمْكِنُ أَن يَحْدُثَ لِأَيٍّ مِنّا. غالِبًا ما نُرِيدُ إِرْضاءَ الجَمِيعِ وجَعْلَ آلِهَتِهِم آلِهَةً لَنا. إِذا لم يَكُنْ لَدَينا القُوَّةَ مِنَ الدّاخِل، مِن "محبّةِ اللهِ الّتي انسَكَبَتْ في قُلُوبِنا بِالرُّوحِ القُدُسِ المعْطَى لَنا" (روم 5: 5)، سَنَخْسَرُ المعْرَكَة. نَحْنُ نَعْلَمُ جَيِّدًا أَنَّهُ، بَدَلًا مِنَ التَّحَوُّلِ، يُمْكِنُنا بِسُهُولَةٍ المخاطَرَة بِالامتِثال! على سَبِيلِ المِثال، كُلّ شَخْصٍ يَكذب، لماذا يَجِبُ أَن أَقُولَ الحقيقة دائِمًا؟ الجمِيعُ يَخُونُونَ، لماذا لا أَفْعَلُ نَفْسَ الشَّيء؟ كُلّ مَن يَبْقَى مُخْلِصًا لِزَوجِهِ أَو زَوْجَتِهِ، يُعْتَبَرُ أَحمَقًا، فَلِماذا لا أَضلّ؟ وعِندَما نَأْتي إلى مَسْأَلَةِ الإِيمان، نَجِدُها مُماثِلة. هُناكَ العَدِيدُ مِنَ النّظَرِيّاتِ عَن يَسُوعَ المسِيح، فَلِماذا لا نَزالُ نُؤْمِنُ بِكَلِماتِ قانُونِ الإيمانِ القَديمة؟ أَلَيسَ مِنَ الأَفْضَلِ أَنْ تَتْبَعَ خَطِيبًا بَلِيغًا قَد يَسْخَرُ مِنَ الكَنيسَةِ الكاثولِيكِيّةِ بِكُلِّ فَضائِحِها؟ الجمِيعُ يَسْعَى وَراءَ ما يَهُمُّهُ، فَلِماذا أَهْتَمُّ بِالآخَرِين؟ يُمْكِنُ مُضاعَفَة هذه القائِمة مِن هذه الأَمْثِلَةِ إلى ما لا نِهاية.




    كَيفَ تَعْيشُ حَياةً مُنْفَصِلة؟
    ١٠ .       يَبْقَى السُّؤال: كَيفَ يُمْكِنُنا الحِفاظ على هَوِيَّتِنا المسِيحِيّةِ في عالمٍ يَتْبَعُ قِيَمًا مُخْتَلِفَةً تَمامًا عَن قِيَمِنا، دُونَ أَنْ نَفْصلَ أَنْفُسَنا عَنْهُ؟ يَجِبُ أَن يُزْعِجَ هذا السُّؤالُ كُلَّ مَسِيحِيّ حَسَنَ النِّيّة. لَقَد ظَهَرَت هَذِهِ النّقطة في نُصُوصِ ورَسائِلِ الباباواتِ في الماضِي القَريب. بمناسَبَةِ زِيارَتِهِ لِأَلمانيا، تَحَدَّثَ البابا بنديكتوس السّادِس عَشَر إلى الكَنِيسَةِ الكاثولِيكيّةِ حَوْلَ هذا الموضُوع (25 سبتمبر 2011 في فرايبورغ). أَثارَ الموضُوعُ رُدُودَ فِعْلٍ قاسِيَةٍ، مِمّا يُثْبِتُ أَنّهُ لَمَسَ جُرْحًا مَفْتُوحًا، لَيسَ فَقَط في حَياةِ الكَنِيسَةِ الكاثولِيكيّةِ في ألمانيا، ولَكِن أَيضًا في أَجْزاءَ أُخْرَى مِنَ العالم. أَسْتَشْهِدُ بِبَعْضِ المقاطِعِ الجوهَرِيّةِ مِن رِسالَتِهِ:
    "لِكَي تُنْجِزَ الكَنيسَةُ مَهَمَّتَها الحقِيقِيّةَ بِشَكْلٍ مُلائِم، يَجِبُ عَلَيها أَنْ تُجَدِّدَ، بِاستِمرارٍ، جهْدَها لِفَصْلِ نَفْسِها عَن مَيْلِها نَحْوَ الدُّنْيَوِيّة، ومَرَّةً أُخْرَى لِلانْفِتاحِ على الله. ... أَظْهَرَ التّارِيخُ أَنّهُ عِنْدَما تُصْبِحُ الكَنِيسَةُ أَقَلّ دُنْيَوِيّة، تُشْرِقُ شَهادَتُها التّبشِيرِيّةُ بِشَكْلٍ أَكْبَر. بِمُجَرَّدِ أَن تَتَحَرَّرَ الكَنِيسَةُ مِنَ الأَعْباءِ والامتِيازاتِ المادّيةِ والسّياسِيّة، يُمْكِنُ لِلكَنيسَةِ أَنْ تَتَواصَلَ بِشَكْلٍ أَكْثَرَ فاعِلِيّة وبِطَرِيقةٍ مَسِيحِيّةٍ حَقِيقِيّةٍ لِلعالمِ كُلِّهِ، يُمْكِنُ أَن تَكُونَ مُنْفَتِحَةً حَقًا على العالم. يُمْكِنُها أَن تَعِيشَ بِحُرّيّةٍ أَكْبَر دَعْوتَها لِخِدْمَةِ العِبادَةِ الإِلهيّةِ وخِدمةِ الجار. ... لَيسَ السُّؤالُ هُنا إِيجاد استراتِيجِيّة جَديدة لِإِعادَةِ إِطْلاقِ الكَنيسة. بَدَلًا مِن ذلِكَ، إِنّها مَسْأَلَةُ تَنَحّي مِنَ استراتِيجِيّةٍ مُجَرَّدَةٍ والسَّعِي إلى شَفافِيّةٍ كامِلة، ولَيسَ وَضع أَقْواس أَو تَجاهُل أَيّ شَيء مِن حَقِيقَةِ وَضْعِنا الحاليّ، ولَكِن عَيش الإِيمان بِالكامِل، هُنا والآن في وَضْحِ النّهار الرّصِين تمامًا، والاستِيلاء عليه بِالكامِل، وتَجْرِيده مِن أَيّ شَيءٍ يَبْدُو أَنّهُ يَنْتَمِي فَقَط إلى الإِيمان، ولَكِن في الحقِيقَةِ هُوَ مُجَرَّد تَقْلِيدٍ أَو عادَة. لِنَقُلْها بِطَريقَةٍ أُخْرَى: بِالنّسبَةِ لِلإِنسانِ في كُلِّ عَصْرٍ، ولَيسَ فَقَط عَصْرنا، فَإِنّ الإِيمانَ المسِيحِيَّ هُوَ فَضِيحة. يَجِبُ أَن يَعْرِفَنا اللهُ الأَبَدِيّ ويَهْتَمَّ بِنا، وأَن يِكُونَ غَير الملمُوس في لحظَةٍ مُعَيَّنة مَلْمُوسًا، وأَنّ الّذِي هُوَ خالِدٌ يَجِبُ أَن يَتَأَلَّمَ ويَمُوتَ على الصّلِيب، وأَن نُمْنَحَ نَحْنُ البَشَرُ الوَعْدَ بِالقِيامَةِ والحياةِ الأَبَدِيّة - بِالنِّسبَةِ لِلنّاسِ في أَيِّ عَصْرٍ، فَإِنّ تَصْدِيقَ كُلّ هذا هُوَ ادِّعاءٌ جَرِيء. حانَ الوَقْتُ مَرَّةً أُخْرَى لِاكتِشافِ الشَّكْلِ الصّحِيحِ لِلانفِصالِ عَنِ العالم، والابتِعادِ بِحَزْمٍ عَنِ الكَنيسَةِ الدُّنْيَويّة. هذا لا يَعْني بِالطَّبْعِ الانسِحاب مِنَ العالم: بَل على العَكْسِ تَمامًا. إِنَّ الكَنيسَةَ الّتي تَخَلَّصَتْ مِن عِبءِ الدُّنْيَوِيّةِ في وَضْعٍ يُمْكِنُها، على الأَقَلِّ مِن خِلالِ أَنْشِطَتِها الخيرِيّة، التّوَسُّطَ في قُوَّةِ الإِيمانِ المسِيحِيّ، الّتي تَمْنَحُ الحياةَ لِلمُحتاجِينَ والمتَأَلِمِينَ ومُقَدِّمِي الرِّعاية لهم ... كَأْفرادٍ وكَمُجْتَمِعٍ لِلكَنيسَة، دَعُونا نَعِيشُ بَساطَةَ الحُبِّ العَظِيم، الّذِي هُوَ أَبْسَط وأَقْسَى شَيءٍ على وَجْهِ الأَرْض، لِأَنَّهُ لا يَتَطَلَّبُ أَكْثَرَ ولا أَقَلّ مِن هِبَةِ الذّات".

     

     
    العيش في خِضَمِّ تَحَدّياتِ الجائِحة
    ١١  .         إِنَّ عِبارَةَ "في العالم غير هذا العالم" تَبْقَى تَحَدِّيًا لِلكَنِيسَةِ وأَعْضائِها في سائِرِ الأَزمِنَة. إِنَّ الجائِحَةَ الحالِيّةَ أَيْقَظَتِ العالم مِن سُباتِ الأَمانِ الزّائِف. لَقَدِ اعْتَدْنا أَنْ نَعْتَبِرَ العَدِيدَ مِنَ الأُمُورِ كَأَوضاعٍ بَدِيهِيّةٍ ومَفْرُوغٍ مِنْها. لَيسَ فَقَط فِيما يَخْتَصُّ بِالاحتِياجاتِ الانسانِيّة، بَل أَيضًا فِيما يَتَعَلَّقُ بِحَياتِنا كَأَعْضاءَ في الكَنِيسَة.
    فَفِي فَتْرَةٍ زَمَنِيّةٍ لا تَتَعَدَّى يَومًا واحِدًا، أُرْغِمَ مُعْظَمُنا على الانقِطاعِ عَنِ القُدّاسِ الإِلهِيِّ وعَنِ الاحتِفالاتِ بِالأَسْرارِ المقَدَّسَةِ وعَنِ زِيارَةِ المرْضَى، وحَتّى عَن دَفْنِ مَوْتانا. لَقَدْ أَرْغَمَنا الحَجْرُ الصِّحِّيُّ على حَجْرٍ رُوحِيّ. فَوَجَدْنا أَنْفُسَنا فَجْأَةً نَتَساءَلُ عَن ضَرُورِيّاتِ حَياتِنا: لَيسَ فَقَط عَنِ الخُبْزِ اليَومِيِّ بِمعناهُ المادّيّ، بَل أَيضًا عَن ثِقَتِنا بِالرَّبِّ الّذِي لم يَسْتَجِبْ لِصَلَواتِنا طِبْقًا لِتَوَقُّعاتِنا. لَقَدِ اخْتَبَرَ الكَثِيرُونَ مُعاناةَ أَيُّوب وقَدَرَهُ: "الرَّبُّ أَعْطَى والرَّبُّ أَخَذ". فَهَل بِاسْتِطاعَتِنا أَن نُرَدِّدَ مَعَ أَيُّوب "فَلْيَكُنْ اسْمُ الرَّبِّ مُبارَكًا"؟ (أَيّوب 1: 21).




    ١٢  .        لَقَد سُرِرْنا بِإِعادَةِ افتِتاحِ أَماكِن العِبادَةِ في مُعْظَمِ بُلْدانِ منطِقَتِنا، وإِنْ ضمْنَ قُيُود. إِلّا أَنَّ الجمِيعَ سَوْفَ يَشْعُرُونَ أَنّ الأُمُورَ لَنْ تَكُونَ كَسابِقِ عَهْدِها. إِنّ القَوانِينَ الّتي فُرِضَتْ بِسَبَبِ أَخْطارِ كوفيد-19، قَدْ غَيَّرَتْ نَمَطَ احتِفالاتِنا. فَالتّباعُدُ الاجتِماعِيّ والتّعْقِيمُ المتَواصِلُ، وارتِداءُ الأَقْنِعَةِ والقَفّازاتِ، والقَواعِدُ المسْتَجِدَّةُ المتَعَلِّقَةُ بِالتّرتِيل، وتَحْدِيدُ الاحتِفالاتِ واختِصارُ أَوْقاتِها، جَعَلَتْ مِنَ الصَّعْبِ عَلَينا أَنْ نَشْعُرَ بِفَرَحِ احتِفالاتِنا اللّيتُورجِيّة، وحَرَمَتْنا مِن أَنْ نَتَذَكَّرَ نِعْمَةَ الخَلاصِ الّتي مَنَحَنا إِيّاها الرَّبُّ بِواسِطَةِ ابْنِهِ الوَحِيدِ يَسُوعَ المسِيح. فَالمناسَباتُ الرُّوحِيّةُ الأَساسِيّةُ، كَالعِماداتِ والتّثْبِيتِ والزّواج، اقْتَصَرَت جَمِيعُها على عَدَدٍ مَحْدُودٍ وضَئِيلٍ مِنَ المشارِكِينَ، وفَرَضَتْ عَلَينا شُعُورًا "رَهِيبًا" بِأَنَّ الحياةَ لَنْ تَعُودَ كَما عَهَدْناها مِنْ قَبْل تَفَشّي الجائِحة. فَسِرُّ الاعتِرافِ لم يَعُدْ مُتاحًا بِشَكْلٍ فَرْدِيٍّ إِلّا ضمْنَ تَدابِيرَ صارِمَة يَفْرضُها التّباعُدُ الاجتِماعِيّ، مِمّا أَدَّى إلى تَضاؤُلِ الحياةِ الرُّوحِيّةِ واضْمِحْلالِها. كَما انْعَكَسَ ذلِكَ سَلْبًا على زِياراتِ المرْضَى في المنازِلِ والمستَشْفَياتِ مِن أَجْلِ مَنْحِهِم سِرّ مَسْحَةِ المرْضَى وأَدّى إلى إِفْراغِها مِن لَمْسَةِ الدِّفءِ والحنان. حَتّى رُتْبَةُ صَلاةِ دَفْنِ الموتَى والمآتِم أَصْبَحَت ظِلًّا ثَقِيلًا على العائِلاتِ المفْجُوعَةِ، وزادَت مِن شُعُورِها بِالوحْدَةِ والفَراغ. بِالإِضافَةِ إلى ذلِكَ، فَإِنَّ القُيُودَ المفْرُوضَةَ على زِياراتِ الكَنائِسِ حَرَمَتِ المؤْمِنِينَ وما زالَت تَحرمُهُم مِنَ اللُّجُوءِ إلى الأَماكِنِ المقَدَّسَةِ ومِنَ التّضَرُّعِ بِصَمْتٍ إلى الرَّبِّ لِيُخَفِّفَ مِن مُعاناتِهِم ومِنَ الصّلاةِ والخُشُوعِ أَمامَ أَيقوناتِ والِدَةِ الإِلَهِ القِدّيسَة مَرْيَم الدّائِمة البَتُولِيّة.




    التّأَقْلُم مع الظُّرُوفِ المسْتَجِدّة
    ١٣ .          إِنَّ جَمِيعَ هَذِهِ الاختِبارات القاسِية، الّتي مَرَرْنا بِها ولا نَزال، جَعَلَتْنا نُدْرِكُ أَنّ عَيْشَ الإِيمانِ ضمْنَ الجماعَةِ هُوَ أَكْثَر أَهَمِيّة مِن مُمارَسَةِ بَعْض الفُرُوضِ والطُّقُوس الّتي يَتْبَعُها عادَةً أَيُّ كاثُولِيكِيٍّ مُلْتَزِم. فَفِي ظِلِّ غِيابِ أَيّ تَواصُلٍ طَبِيعِيّ بَينَ جَماعَةِ المؤْمِنِين، لَسَوفَ نُدْرِكُ أَهميّة الإِبقاء على مَفْهُومِ انْصِهارِ المؤُمِنِينَ جَمِيعًا كَجَسَدٍ واحِد. وهُنا يَكْمُنُ التَّحَدِّي في إِمْكانِيّةِ تَحْقِيق ذلِكَ في ظِلِّ الظُّرُوفِ الرّاهِنة. مِمّا لا شَكَّ فِيهِ أَنّ وَسائِلَ الاتِّصالِ الإلكترونِيّة تُساعِدُ كَثِيرًا على ذلِكَ. ولَسَوفُ نَسْتَمِرُّ في بَثِّ الخِدماتِ اللّيتورجِيّة وسائِرِ النّشاطاتِ الدّينِيّةِ وفي مُشارَكَةِ كَلِمَةِ اللهِ بِمُخْتلِفِ الوَسائِلِ المتاحَة. إِلّا أَنَّنا ما نَزالُ بِحاجَةٍ ماسّةٍ إلى التّواصُلِ المباشَر، كَوننا بَشَرٌ مِن رُوحٍ وجَسَد. فَالعُمْقُ الرُّوحِيُّ لِلفَرْدِ أَصْبَحَ مُهَدَّدًا في ظِلِّ غِيابِ اللّقاءاتِ المباشَرَةِ بَينَ الجماعاتِ المؤْمِنة. تَمامًا كَعائِلَةٍ يَعِيشُ كُلُّ فَرْدٍ مِنْها في غُرْفَةٍ مُنْعَزِلَةٍ ويَتَواصَلُونَ مَعَ بَعْضِهِم بَعْضًا، إفتِراضِيًّا وعَن بُعْد. فَمِنَ الطّبِيعِيّ أَنْ يُؤَدِّيَ ذلِكَ إلى فُتُورٍ في العَلاقاتِ العائِلِيّة، بَل حَتّى إلى زَوالِها! وهذا الأَمْرُ يَنْطَبِقُ تَمامًا على حَياتِنا كَمَسِيحِيِّينَ في جَماعَةِ الكَنيسَةِ ومَجمُوعاتِنا المخْتَلِفة.



    ١٤ .        يُمْكِنُ لِكوفيد-19 أَنْ يَفْتكَ جَسَدِيًّا بِالأَشْخاصِ المصابِينَ بِهِ. إِلّا أَنّ أَبْعَدَ مِن ذلِكَ، لَدَيهِ أَيضًا القُدْرَة على ضَرْبِ العَلاقاتِ الانسانِيّة. وقَد أَدّى ذلِكَ إلى استِبْعادِ المسِنِّينَ والمرْضَى وأَصْحاب الاحتِياجاتِ الخاصّة مِنَ الحياةِ الاجتِماعِيّةِ واعتِبارِهِم عُرْضَةً لِخَطَرِ العَدْوَى بِالفيروس القاتِل. فَفِي هذا الجوّ المشْحُون بِالقَلَقِ والهلَعِ مِنَ الإصابَةِ بِالعَدْوَى القاتِلة، هُناكَ خَطَر أَن نَعْتَبِرَ "الآخَرَ" تَهْدِيدًا لِصِحَّتِنا ولِسَلامَتِنا، والعَكْسُ هُوَ الصَّحِيحُ أَيضًا. وهُنا تَكْمُنُ أَهميّة دَورِنا كَمَسِيحِيِّين أَن نُحارِبَ هذا الجوّ العامّ المثْقَل بِالشَّكِّ والاستِبْعاد. أَجَل، إِنَّ الوِقايَةَ الصِّحّيّةَ والاحتِراسَ أَمْرانِ مُهِمّان؛ أَمّا الوَساوِسُ الهِسْتِيرِيّةُ فَهِيَ مَرْفُوضَة! بِالتّأْكِيد، يَنْبَغِي احتِرام قَوانِين السُّلُطات المدَنَيّة وتَنْفيذها. إِلّا أَنَّهُ لا يَنْبَغِي اتّخاذها ذَرِيعَةً لِضَرْبِ واجِب الاهتِمام بِالآخَر، ضمْنَ جَماعَتِنا المسِيحِيّة خاصَّةً، وعلى صَعِيدِ الانسانِيّة عامّة.




    الذُّعْرُ مُقابِل الثّقة
    1. ١٥.       نَحْنُ مَوجُودُونَ بِكُلِّيَتِنا "في هذا العالم"، ولَكِنَّنا لَسْنا "مِن هذا العالم"، كَما قالَ الرَّبُّ يَسُوع. ما مَعْنى هذا في ظِلِّ الأَزمَةِ الّتي نَعِيشُها حالِيًّا؟ فَكَما ذَكَرْتُ في مُسْتَهَلِّ هَذِهِ الرّسالة، فَنَحْنُ نَتَشارَكُ مَعَ إِخْوَتِنا البَشَرِ الأَوضاعَ المعِيشِيَّةَ ذاتها، بِما في ذلِكَ الأَخطار والمخاوِف النّاجِمة عَنِ الجائِحَةِ وغَيرِها مِنَ التّهْديدات. إِنَّ السُّؤَالَ المطْرُوحَ حالِيًّا هُوَ كَيفَ يُمْكِنُنا استِيعاب ما يَجْرِي كَمُؤْمِنِينَ بِيَسُوعَ المسِيح. فَهُوَ عَلَّمَنا بِأَنْ نَعْتَبِرَ أَنْفُسَنا أَبناءَ وبَناتِ الآبِ السّماوِيّ الّذِي يَغْمُرُنا بِحُبِّهِ اللّامُتَناهِي. فَهَل هذا يَعْني بِأَنَّ حَياتَنا سَتَكُونُ دائِمًا سَعِيدة؟ الجوابُ هُوَ لا! بَل يَعْني أَنّهُ، حَتّى في الظُّرُوفِ القاسِيَةِ والمحبِطة، والتّجارِبِ الرّهيبة، لَنْ يَدَعَنا الرَّبُّ نَسْقُطُ مِن بَينِ يَدَيه. وهذا ما أَظْهَرَهُ لَنا يَسُوع، مِن خِلالِ كَلِماتِهِ الأَخِيرة وهُوَ مائِتٌ على الصّليب: "أَبَتاه، بَينَ يَدَيكَ أَسْتَودِعُ رُوحِي" (لو 23: 46). كَما نَرَى ذلِكَ مِنْ خِلالِ رِسالَةِ بُولُسَ الرّسُولِ إلى الرّومانِيّين، غارِسًا فِيهِم حَقِيقَة مَحَبّة الرّبّ المتَجَسِّدَة بِيَسُوعَ المسِيح: "مَنْ يَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيح؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟ ... وإِنِّي واثِقٌ بِأَنَّهُ لا مَوْتٌ ولا حياة، ولا مَلائِكَةٌ ولا أَصْحابُ رِئاسَة، ولا حاضِرٌ ولا مُسْتَقْبَل، ولا قُوَّاتٌ، ولا عُلُوٌّ ولا عُمْق، ولا خَلِيقَةٌ أُخْرَى، بِوُسْعِها أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا" (روم 8: 35، 38-39).
    نَحْنُ نَرْتَجِفُ خَوْفًا مَعَ سائِرِ الأُمَمِ، ولَكِنَّنا نُؤْمِنُ حَقًّا بِوُجُودِ الرَّبِّ الآبِ وبِابْنِهِ الوَحِيدِ يَسُوع المسِيح، وبِالحِمايَةِ والرِّعايَةِ الإلهيّةِ الّتي لَنْ تَتَخَلَّى عَنّا حَتّى حِينَ مَماتِنا. فَالرَّبُّ القائِمُ مِنْ بَينِ الأَموات هُوَ خَيرُ ضَمانٍ لِذلِكَ.



     
    1. ١٦.       خِلال الصّلاةِ البابَوِيّة "مِن رُوما إلى العالم"، اختَبَرَ البابا فرنسيس إِيمانَنا، مِن خِلالِ كَلِماتِ يَسُوع إلى تَلامِيذِهِ أَثناءَ العاصِفَةِ البَحْرِيّة:
    "لماذا أَنتُم خائِفُون؟ أَلَيسَ عِنْدَكُم إِيمان"؟ الإيمانُ يَبْدَأُ عِنْدَما نُدْرِكُ حاجَتَنا إلى الخَلاص. فَنَحْنُ لا نَملكُ اكتِفاءً ذاتِيًّا؛ إِذْ نَحْنُ ضائِعُونَ حَقًّا: نَحْنُ بِحاجَةٍ إلى الرَّبِّ تَمامًا كَحاجَةِ البَحّارَة القُدَماء إلى التِماسِ النُّجُومِ لِتُرْشِدَهُم. فَلْنَدْعُو يَسُوعَ، إِذًا، إلى مَراكِبِ حَياتِنا. لِنُسَلِّمْهُ مَخاوِفَنا لِيَقْهَرَها ويُزِيلَها. كَالرُّسُلِ تَمامًا، سَوْفَ نَخْتَبِرُ وُجُودَهُ مَعَنا في إِبْحارِنا المحفُوفِ بِالمخاطِرِ ولَنْ تَتَحَطَّمَ مَراكِبُنا مَهْما عَصَفَت بها الرّياح. لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ قُوّةُ الرَّبّ: تَحْوِيل كُلّ ما يَحصُلُ لَنا إلى الخَير، حَتّى الأُمُور السّيِّئة. الرَّبُّ يَغْمُرُ حَياتَنا بِالصَّفاءِ في خِضَمِّ العَواصِف، لِأَنَّ الحياةَ بِالرَّبِّ لَنْ يُدْرِكَها الموتُ أَبَدًا.
    .


    ١٧  .        يَسْأَلُنا الرَّبُّ في خِضَمِّ العاصِفَة ويَدْعُونا إلى اليَقَظَةِ وإلى مُمارَسَةِ التّضامُنِ وإلى إِذكاءِ رُوح الأَمَلِ مِن أَجْلِ بَثِّ القُوَّةِ والدَّعْمِ عِنْدَما يَبْدُو لَنا كُلّ شَيءٍ مُتَخَبِّطًا ومُتَعَثِّرًا. الرَّبُّ يُوقِظُنا لِنُعِيدَ إِحْياء إِيمانِنا الفِصْحِيّ. لَدَينا المرْساةُ المنْقِذَة: فَهُوَ بِصَلِيبِهِ خَلَّصَنا. لَدَينا الدّفّة: فَهُوَ بِصَلِيبِهِ افْتَدانا. لَدِينا الأَمَل: فَهُوَ بِصَلِيبِهِ شَفانا وغَمَرَنا، فَلَنْ يُبْعِدَنا شَيءٌ عَن حُبِّهِ الفادِي. في خِلالِ هَذِهِ العُزْلَةِ القاسِية، نُعاني جَمِيعًا مِنَ النَّقْصِ العاطِفِيّ ومِن عَدَمِ القُدْرَةِ على لِقاءِ الآخَر. كَما اختَبَرْنا خسارَةَ أُمُورٍ كَثِيرة. يَدْعُونا الرَّبُّ مِن على صَلِيبِهِ إلى إِعادَةِ اكتِشافِ الحياةِ الّتي تَنْتَظِرُنا وإلى الاهتِمامِ بِالآخَرِ وإلى تَقْوِيَةِ وإلى تَقْدِيرِ النِّعْمَةِ الّتي تَحْيا فِينا. دَعُونا لا نُخْمِدُ الشُّعْلَةَ المتَّقِدَة (أش 42: 3)، فَهِي لَنْ تَخْبُو أَبَدًا، دَعُونا نُضْرِمُ شُعْلَةَ الأَمَل (صَلاة إستثنائيّة تَرَأَسَّها البابا فرنسيس، 27 آذار مارس 2020).




    يَسُوع، الرّائِدُ لِإِيمانِنا الكامِل
    ١٨.        إِخْوَتي وأَخَواتي الأَعِزّاء! في هَذِهِ الأَحْوالِ المحبطة، دَعُونا لا نُكَرِّرُ خَطَأَ زَوجَة لُوط، الّتي أَصَرَّتْ على النَّظَرِ إلى الوَراءِ لِتَرَى مَشْهَدَ احتِراقِ مَدِينة سَدُوم "فَصارَت نُصْبَ مِلْحٍ" (تك 19: 26).
    يَجِبُ عَلَينا تَقَبُّلَ الحقِيقة كَما هِيَ والتَّطَلُّعَ إلى الأَمامِ واثِقِينَ "أَمّا نَحْنُ فَمَوطِنُنا في السَّمَواتِ، ومِنْها نَنْتَظِرُ مَجِيءَ المخَلِّصِ الرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيح" (فل 3: 20).
    إِنَّ ذلِكَ لَنْ يَحُلَّ مَشاكِلَنا اليَومِيّة، الّتي عَلَينا مُواجَهَتها، إِلّا أَنّها تَمْنَحُنا أُفُقًا مِنَ الأَمَلِ يَخْتَرِقُ الكَوارِثَ الّتي يَشْهَدُها عالَمُنا اليَوم. إِنَّ الرِّسالَةَ إلى العِبرانِيّينَ تُعْطِينا مَجْمُوعَةً مِنَ الشّهاداتِ الإيمانِيّةِ لِتَقْوِيَةِ الجماعاتِ المسِيحِيّةِ الأُولى، الّتي عانَت مِنَ الاضطِهاداتِ والمشَقَّات (راجِع عب 11). كَما تُخْبِرُنا الرّسالَةُ ذاتُها "لِذلِكَ فَنَحْنُ الَّذِينَ يُحِيطُ بِهِم هذا الجَمُّ الغَفِيرُ مِنَ الشُّهُودِ، فَلْنُلْقِ عَنّا كُلَّ عِبءٍ وما يُساوِرُنا مِن خَطِيئَةٍ، وَلْنَخُضْ بِثَباتٍ ذلِكَ الصِّراعَ الْمَعرُوضَ عَلَينا، مُحَدِّقِينَ إلى مُبْدِىءِ إِيمانِنا ومُتَمِّمِهِ، يَسُوعَ الَّذِي، في سَبِيلِ الفَرَحِ الْمَعْرُوضِ عَلَيه، تَحَمَّلَ الصَّلِيبَ مُسْتَخِفًّا بِالْعارِ، ثُمَّ جَلَسَ عَن يَمِينِ عَرْشِ الله" (عب 12: 1-2).
    "إِنَّ رُؤْيَتَنا لِيَسُوعَ كَرائِدٍ لِإِيمانِنا الكامِل تُشَكِّلُ لَنا تَحَدِّيًا لِنَعْرِفَ مَتَى يَنْبَغِي لَنا أَن نَتَطَلَّعَ إلى الأَمامِ وأَنْ نَحْيا تَحْتَ ظُرُوفِ التّهْديداتِ المسْتَمِرّة لِلوَباءِ الجائِحِ ولِلحُرُوبِ ولِلأَزَماتِ الاقتِصادِيّةِ وغَيْرِها مِنَ الأَوضاعِ الّتي تُهَدِّدُ حَياتَنا كَأَفْراد.




    ١٩.        في ظُرُوفٍ قاهِرَة، كَتِلْكَ الّتي نَمُرُّ بِها، إِنَّ أَفْضَلَ ما يُمْكِنُنا أَنْ نُعْطِيَهُ لِلآخَرِ هُوَ رِسالَةُ الأَمَلِ والرّجاء. فَلَنْ يُجْدِيَ نَفْعًا التَّمَلْمُلُ والتّذَمُّرُ اليَومِيُّ حَوْلَ مُعاناتِنا. فَنَحْنُ مَدْعُوُّونَ إلى "التّغاضِي عَمّا مَضَى وإلى التّوَجُّهِ بِثَباتٍ إلى الأَمام" (فل 3: 13). إِنَّهُ مَفْهُومُ الحياةِ المتَطَلِّعَة إلى ما وَراءِ الصِّراعاتِ اليَومِيّة، إلى "لِلحُصُولِ على الجائِزَةِ الّتي يَدْعُونا اللهُ إِلَيها مِن عَلُ، لِنَنالَها في الْمَسِيحِ يَسُوع" (فل 3: 14).
    سَوْفَ يَكُونُ ذلِكَ اختِبارًا لَنا لِنَرَى إِذا ما كُنّا فِعْلًا نَفْهَمُ صَلَوات يَسُوع قَبْلَ آلامِهِ: "لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّيرِ. لَيْسُوا مِنَ الْعالَمِ كَما أَنِّي أَنا لَسْتُ مِنَ الْعالَمِ. قَدِّسْهُمْ في حَقِّكَ. كَلامُكَ هُوَ حَقّ" (يو 17: 15، 17).
    أَنْ نَتَقَدَّسَ بِالحقيقة يَعْني أَنْ نَنْظُرَ إلى يَسُوعَ كَرائِدٍ لِإيمانِنا الكامِل، وأَنْ لا نَسْمَحَ لِلصِّراعاتِ الّتي نَعِيشُها أَنْ تَتَخَطَّى حُدُودَ أُفُقِ إِيمانِنا.




    .٢.        أَنْ نَتَطَلَّعَ "إلى يَسُوعَ كَرائِدٍ لِإِيمانِنا الكامِل" يَعْني أَنْ يَنْمُوَ ويُثْمِرَ مِن خِلالِ مُبادَراتِنا الانسانِيّة. فَهُناكَ عَدَدٌ كَبِيرٌ مِنَ المحسِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ بِصَمْتٍ طِبْقًا لِتَعالِيمِ الكِتابِ المقَدَّسِ في زَمَنِ الوَباءِ الجائِح. فَهُم يَمُدُّونَ يَدَ المساعَدَةِ إلى جِيرانِهِم وإلى الآخَرِينَ في هَذِهِ الظُّرُوفِ الصَّعْبَة. أُرِيدُ أَن أَتَوَجَّهَ بِالشُّكْرِ لهم جَميعًا، بِمَنْ فِيهِم مَن يَعْمَلُونَ في الخُطُوطِ الأَمامِيّة. أَوَدُّ أَن أُشَجِّعَ الأَفرادَ والجماعاتِ في رَعايانا لِلاسْتِمرارِ في التّضامُنِ مِن خِلالِ أَعْمالِ الإحسانِ ضمْنَ الجماعَةِ المسِيحِيّة. دَعُونا نَتَأَمَّلُ في كَلِماتِ القِدِّيسِ يَعْقُوب المعَبِّرَة: "ماذا يَنْفَعُ، يا إِخْوَتي، أَن يَقُولَ أَحَدٌ إِنَّهُ يُؤْمِن، إِن لم يَعْمَل؟ أَبِوُسْعِ الإِيمانِ أَن يُخَلِّصَهُ؟ فَإِنْ كانَ فِيكُم أَخٌ عُرْيانٌ أَو أُخْتٌ عُرْيانَةٌ، يَنْقُصُهُما قُوتُ يَومِهِما، وقالَ لَهُما أَحَدُكُم: "اِذْهَبا بِسَلام فَاستَدْفِئا واشْبَعا" ولم تُعْطُوهُما ما يَحتاجُ إِلَيهِ الجَسَد، ماذا يَنفَعُ قَولُكُم؟ وكَذلِكَ الإِيمان، فَإِنْ لم يَقْتَرِنْ بِالأَعْمالِ كانَ عَقِيمًا ومَيْتًا في حَدِّ ذاتِه" (يع 2: 14-17).




    الأَسرار المقَدَّسَةُ في ظلِّ الظُّرُوفِ الاستِثنائِيّة
    ٢١ .         سَوفَ نَبْدَأُ قَرِيبًا بِسَنَةٍ دِراسِيّةٍ جَدِيدة، وسَوفَ نُعِيدُ تَنْظِيمَ نَشاطاتِنا الرَّعَوِيّة والتربَوِيّة. هُناكَ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ سَتَبْدُو مُختَلِفَةً، مُقارَنَةً بِالماضِي. مَعَ ذلِكَ، لَسَوفَ نَعْمَلُ مَعًا، وبِنِعْمَةِ الرَّبِّ، لِنَصِلَ إلى أَفْضَلِ النّتائِجِ الممْكِنة مِن خِلالِ الظُّرُوفِ القاسِية. وهذا يَتَطَلَّبُ مِنّا الصَّبْرَ أَثناءَ وَضع جَداوِل القَدادِيسِ والاحتِفالاتِ ضمْنَ جَماعاتٍ صَغِيرة (العِمادات، المناوَلَة الأُولى، التّثبيت والزّواج)؛ كَذلِكَ الأَمْرُ بِالنِّسبَةِ إلى التّعلِيمِ المسِيحِيّ أَيضًا، ضمْنَ جَماعاتٍ مَحدُودَةٍ وبِاستِعمالِ وَسائل التّواصُلِ عَن بُعْد. ومَعَ ذلِكَ، لي مِلء الثِّقَة بِوُجُودِ عَدَدٍ كَبِيرٍ مِن أَصْحابِ الكَفاءاتِ، الَّذِينَ سَوفَ يُساعِدُونَنا على مُواجَهَةِ التَّحَدّيات. فَكُلُّ فَرْدٍ مِنَ المؤْمِنِينَ، ولَيسَ فَقَط الكَهَنة ورِجال الدِّين، قَد نالَ مِن خِلالِ سِرِّ العِمادِ والتّثبيت، ولَهُ القُدْرَة على المشارَكَةِ في بِناءِ جَسَدِ المسِيح. فَكُلُّ فَرْدٍ مِنّا بِاسْتِطاعَتِهِ، في حَياتِهِ اليَومِيّة ومِن خِلالِ رُوحِ المحبَّةِ المسِيحِيّة، أَن يَعْمَلَ على تَطْوِيرِ الرّوابِطِ العائِلِيّةِ والاجتِماعِيّة. عَلَينا أَن نَتَخَطَّى العَقْلِيَّةَ المنغَلِقَةَ والانعِزالِيّة. وهذا هُوَ السَّبَبُ الرّئيسِيّ لِانطِلاقِي بِإِشْرافٍ مُباشَرٍ ضمْنَ الرّعايا في الإماراتِ العَرَبِيّةِ المتَّحِدَة وعُمان، وذلِكَ بِالرّغْمِ مِنَ المعُوقاتِ النّاجِمةِ عَنِ الوَباءِ الجائِح. فَلِي كامِل الثِّقَة بِأَنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سَوفَ يَغْمُرُنا بِنِعْمَتِهِ وبِمَواهِبِهِ لِنَقُومَ بِما هُوَ مُتَوَجِّبٌ عَلَينا وضمْنَ الامكاناتِ المتاحَة. سَوفَ نَسِيرُ إلى الأَمامِ بِالثِّقَةِ الّتي مُنِحَت لِكُلِّ مَن يَتَوَجَّهُ إلى يَسُوعَ المسِيحِ، رائِدِ إِيمانِنا الكامِل.


    ٢٢.        مِنَ الطّبِيعِيّ أَن لا نَتَمَكَّنَ، في الوَقْتِ الحاضِر، مِنَ استِعادَةِ سائِرِ النّشاطاتِ المقَدَّسَة، كَما سَبَقَ وأَعْلَنْتُ. فَمُعْظَمُكُم لَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ الحُضُورِ إلى ما يُعْتَبَرُ "قُدّاس إِلْزامِيّ"، طالَما استَمَرَّتِ القُيُودُ المفْرُوضَةُ بِفِعْلِ الجائِحة. أَخِيرًا، فَإِنَّ الفَرْضَ الإلزامِيّ لِحُضُورِ قُدّاس الأَحَد، ما يَزالُ مُعَلَّقًا، كَذلِكَ الأَمْرُ بِالنِّسبَةِ لِأَسْرارِ الاعتِرافِ والمناوَلَةِ الفِصْحِيّة. إِلّا أَنَّ فَرْضَ عِبادَةِ الرَّبّ يَومَ الأَحَدِ لا يُمكِنُ تَعْلِيقها أَبَدًا. حَتّى لَو لم نَتَمَكَّنْ مِن حُضُورِ القُدّاس، فَإِنَّ مِن واجِبِ كُلِّ شَخْصٍ نالَ سِرَّ العِمادِ أَن يُخَصِّصَ وَقْتًا لِلصّلاةِ والشُّكْرِ والعِبادَةِ والتَّشَفُّعِ كُلّ يَوم أَحَد. كَما سَوفَ نَهْتَمُّ بِتَوفِيرِ الخِدماتِ اللّيتورجِيّة لِلمُؤْمِنِينَ، الَّذِين لا يُمْكِنُهُمُ الوُصُولُ إلى الكَنائِسِ، مِن خِلالِ وَسائِلِ البَثِّ الحَيّ والمباشَر في سائِرِ رَعايانا.


    ٢٣ .        إِقْرَأُوا الكِتابَ المقَدَّس. صَلُّوا المسبَحَةَ الوَرْدِيّة. إِحْفَظُوا آيات الإنجيلِ والمزامِير، فَهِي كُنُوزٌ رُوحِيَّةٌ في أَزْمِنَةِ القَحْطِ والبُؤْس. أَمّا بِالنِّسبَةِ لِسِرِّ المصالحة، فَسَوفَ يِتمُّ اعتِماده بِشَكْلٍ مَحْدُود. لَقَد سَمَحْتُ لِلكَهَنَةِ بِالاحتِفالِ بِطُقُوسِ التَّوبَةِ مَع حَلَّةٍ جَماعِيّةٍ قَبْلَ البَدْءِ بِبَعْضِ القَدادِيس. أُكَرِّرُ تَوجِيهاتي لِلكَهَنَة بِأَنْ يُعْلِنُوا لِلمُؤْمِنِينَ مُسْبَقًا مَواعِيد الغُفْراناتِ الجَماعِيّة، وعَن مَواعِيدِ سائِرِ الأَسْرارِ المقَدَّسَة، وتَنْسِيقها طِبْقًا لِأَوضاعِ البُلْدانِ والإماراتِ والرّعايا. لَقَدْ تَمَّ تَزْوِيد الكَهَنة بِتَشْرِيعاتٍ مِن قِبَلِ الأُسْقُف مِن أَجْلِ تَسْهِيلِ هَذِهِ الاجراءات.




    "الرَّبُّ مَعَنا في المساءِ والصّباح" 
    ٢٤.        أَوَدُّ أَن أَخْتمَ هَذِهِ الرِّسالة بِبَيتٍ مِن قَصِيدَةٍ لِلّاهُوتي ديتريش بونهوفر. لَقَد كَتَبَها لِأَحِبّائِهِ خِلالَ وُجُودِهِ في السِّجْنِ وقَبْلَ أَشْهُرٍ مِنَ استِشهادِهِ أَيّام الحُكْم النّازِيّ، قَبْلَ 75 سنة. إِنَّ هذا البَيت يَنْطَبِقُ على حَياةِ العَدِيدِ مِنّا:
    "بِواسِطَةِ قُوّاتِ الحُبِّ المحمِيَّةِ بِشَكْلٍ رائِع، نَحنُ نَنْتَظِرُ، دُونَ خَوفٍ، الآتي؛ أللهُ مَعَنا في الغسقِ وفي الصّباحِ، وبِالتّأْكِيدِ في كُلِّ يَوم".

    أَطْلُبُ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ أَن يُهْدِيَ كُلَّ واحِدٍ مِنّا إلى الفَهْمِ العَمِيقِ لِلسِّرِّ الّذِي نَحْيا فِيهِ في هذا العالم، إِلّا أَنَّنا لَسْنا مِن هذا العالم. فَلْتَكُنْ مَعْرِفَتُنا لهذِهِ الحقيقة الطَّرِيقَ لِحُرِّيَّتِنا الدّاخِلِيّة، فَنَحْيا بِصَفاءٍ لِنُواجِهَ التّحَدِّيات الّتي سَوفَ تُواجِهُنا في الأَشْهُرِ والسَّنَواتِ المقْبِلَة.

    أَلْتَمِسُ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْكُم شَفاعَةَ سَيِّدَةِ الجزيرةِ العَرَبِيّة، وحِمايَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ المسِيحَ الّذِي وَعَدَ تَلامِيذَهُ بِأَنَّهُ باقٍ مَعَهُم إلى نِهايَةِ الأَزمِنة (متى 28: 20).



    بَرَكاتي لَكُم جَمِيعًا.


    المطران بول هِندر الكبّوشي
    النّائِبُ الرَّسُوليّ لِجَنُوبِ شِبْهِ الجزيرَةِ العَرَبِيّة
    المدَبِّرُ الرَّسُوليّ لِشَمالِ شِبْهِ الجزيرَةِ العَرَبِيّة



    أبوظبي، 6 آب/أغسطس 2020، عيد تَجَلّي الرَّبّ

     

  •     2020 تحميل الرسالة الرعوية

  • Home
  • Vicariate
      • History
      • Vicariate Offices
      • Office of Care
      • Christian Formation
      • Family Ministry
      • Interfaith & Ecumenical Dialogue
      • Office of Communications
      • Liturgical Calendar
      • Directory
      • Statistics
      • CELRA
  • Apostolic Vicar
    • Apostolic Vicar
      • Bishop Paolo Martinelli
      • Homilies/Messages - Bp Paolo
      • Pastoral Letters - Bp Paolo
    • Former Apostolic Vicars
      • Timeline
      • Bishop Paul Hinder
  • Parishes & Schools
    • UAE
      • Parishes
      • Schools
    • Oman
      • Parishes
    • Yemen
      • Parishes
      • Church Finder
  • News & Media
      • News
      • Photo Albums
      • Jubilee 2025
      • Extraordinary Jubilee of St. Arethas and Companions
      • Pope Francis in UAE
      • Human Fraternity
  • Contact
© Apostolic Vicariate of Southern Arabia, 2020.
Login
powered by eCatholic®